الشعور بالكآبة، الإستسلام لأفكار محزنة، رؤية كل شيء جميلا، الإبتسامة قسرا... ان الالوان تعكس جميع هذه التقلّبات النفسية. فهل يمكنها ايضا ان تؤثّر في أمزجتنا؟
لدينا جميعا لوننا المفضّل ورأينا الخاص حين يتعلّق الأمر باختيار لون بيدق الشطرنج او نشعر بمقت معيّن اذا وجب علينا اختيار لباس مهما كان لونه زهريا او اي لون آخر.. كذلك يتعلق الأمر بذوقنا وكرهنا لبعض الأطعمة.
ولكن اللون ليس عنصرا ملموسا او طبقاً ما. يشير فيليب فاغو الى ان: "ما نسمّيه "اللون" هو في الواقع طول الموجات الذي تلتقطه العين والذي يحوّله العقل الى احساس بالألوان ويفسّره في النطاق المرتبط بذاكرة وحياة كل شخص". لذلك، لدى كل شخص اشياء مفضّلة تتعلق بتجربته وذكرياته.
ولكن هل يمكن ايضا ان تؤثر الالوان سلبا او ايجابا في راحتنا؟ يجيب فاغو: "نلاحظ تأثير الالوان في المعنويات من دون ان نحدّد الأسباب. ويبدو اننا نقنع انفسنا تبعا لثقافة مجتمعنا وتراثه التاريخي او الديني، او بكل بساطة طرق العيش فيه". فمثلا، كثيرا ما يمثّل اللون الأسود في فرنسا لون الحزن والكآبة لانه يرمز الى الحداد. ولكن لا يملك اطلاقا الدلالة نفسها في الهند حيث تقام الجنازات بارتداء اللون الابيض، او في جزيرة موريس حيث يرتدون اللون البنفسجي في حدادهم.
انها تغيّر نظرتنا الى محيطنا
هكذا، ان وُجب علينا سماع كلمة "تفاؤل"، فإننا سنمنح هذا اللون مزايا حسنة. يخبر فيليب فاغو ان: "لمناسبة افتتاح" ليل 2004 (Lille 2004) وهي العاصمة الأوروبية للثقافة"، غطي زجاج محطة Lille بخيوط وردية اللون وهذا ما اضفى عليها رونقا خاصا جدا. وقد رحّب مستخدمو هذه المحطة بهذا الإعداد. اذ استطاعوا ان يبدوا اعجابهم بهذا المكان بطريقة مختلفة حتى انهم تعوّدوا ولم يعد أحد ينظر اليه". ويبدو ان الالوان النضرة (الأحمر والبرتقالي والاصفر...) التي ترتبط بالنشاط والفرح تجذبنا اكثر. اما الألوان الباردة (الأزرق والأخضر والبنفسجي...)، فهي تهدّئ النفس. لذلك فإن الزينة على الجدران في قاعات الانتظار عند الأطباء هي غالبا بهذه الألوان، في حين ان لافتات الإعلان او البطاقات التي تشير الى الإعلانات في المخازن هي دوماً باللون الأحمر.
واخيرا، تمنح الألوان فرصة تقييم الاشياء التي تحيط بنا وكسر الرتابة. فما من حاجة الى اعادة تزيين الشقة من اجل تغييرها جذريا. فإن بعض الرسوم الملوّنة الموضوعة بمهارة كافية. بالإضافة الى ذلك، يشكّل اختيار هذه الألوان الجيّدة أحد اسس "feng shui". فاكتشفوا اي منفعة ستجنون منها.
من اجل لمعان وجه بملامح مشدودة
مزيّن بلمسات خفيفة في الحمام (سجادة للحمام ومناشف من الإسفنج وكرات في الكأس)، يغيّر اللون الوردي المزاج السيئ عندما نستيقظ. فهو يجعلنا نتصرّف برقة اثناء التبرّج. اما الملابس فاخترن الالوان النضرة ولا تنسين ان تضعن لمسة من حمرة الوجه الوردية والبرتقالية اللون.
من أجل الشعور بالنشاط
مذكّرين بلون الشمس، يعبّر اللونان الأصفر والبرتقالي عن النشاط والفرح والحركة. لذلك فإن التركيبات المنشّطة التي تحتوي على الفيتامينات هي غالبا باللون الاصفر او البرتقالي كلباس البحر الأصفر للفائز الأول في مباراة الركض في فرنسا، وكي تشعر بالنشاط. أضفن الى ثيابكن لمسات صفراء كالقفازات او كنزة تُلبس تحت الثياب. اما داخل المنزل، فالألوان البرتقالية تناسب المدخل جدا فتنشر فيه الحيوية (لوحات على الورق المرسوم والستائر والبساط). تجنّبن استعمال الأغطية ذات اللون البرتقالي اذ انها قد تجعل نومكن مضطرباً.
هل العلاج بالألوان طريقة اخرى للإعتناء بالنفس؟
يكمن العلاج بالألوان في بعث الأشعة الضوئية الملوّنة في المناطق المستهدفة للجسم. ويتمّ الحصول على هذه الأشعة من خلال مرور ضوء ابيض عبر مصاف تختار طول الموجات المحدّد والذي تراه العين كالألوان. يشرح الدكتور كريستيان اغرابار، وهو مؤسّس مركز الدراسة والبحث في علم الطاقة واللون: "اننا نستعمل ستة الوان اساسية (الأزرق والاخضر والبنفسجي والاحمر والبرتقالي والاصفر) يتجاوب معها الجسم كل مرة بالطريقة نفسها. فمثلا، حين يكون الجسم عرضة للضوء الأحمر يشعر بالحرارة في حين يسبّب الضوء الازرق الشعور بالرطوبة. ويشجّع الدكتور أغرابار العلاج بالألوان من اجل معالجة القوباء وداء المنطقة والأوجاع واضطرابات الجهاز الهضمي. ولا تزال الدراسات جارية من اجل معرفة مفعول هذا العلاج بطريقة فضلى.
من أجل الإسترخاء
ان الألوان الوردية (توتة العلّيق، اللون الوردي او البرتقالي) التي هي الوان التوفيق تهدّئ الإنفعالات وتجلب الطمأنينة. فاستعملنها من طريق مزجها بمواد ناعمة (الكنزات والسجادة والحجب والوسادات). ان اللون الازرق مهدئ وباعث على الاسترخاء، ويلوّن الكثير من الأدوية لمقاومة القلق او الأدوية المنوّمة. وهو يجلب الصفاء بلمسات خفيفة في غرفة ما. ولكن حين يكون أدكن جدا او قويا جدا فإنّ لونه البارد يجمّد الجوّ.
من أجل تهدئة النزق
نتجنّب الألوان الحمراء وبخاصة الفاقعة منها، لانها رمز الممانعة والتناقض كقلم الحبر الذي يصحّح نسخ التلاميذ او الاشارة التي تمنع مرور السيارات، ويحمل هذا اللون دلالة عدوانية بكل سرور. وبالعكس، فإن بعض اللمسات باللون الأخضر في ملابسنا وهو لون النبات والربيع تقرّبنا من الطبيعة.
فلا تتردّدن بمزج الوان الطبيعة بتزيين نوافذكن بأوعية الأزهار او النباتات فإن المواد الخام فيها ولونها الكستنائي اي لون الارض، يجلبان الاستقرار والتوازن الى أنفسكن.